يبقى طلب تأشيرة بلد ما مسألة طبيعية في ظل حركة الهجرة، التي تبقى حركة إنسانية وبشرية وسنّة لم تتبدل منذ فجر التاريخ.
لكن، عندما يكون الحصول على هذه التأشيرة يكاد يشبه لعبة قمار، نظرا لصعوبة أو حتى استحالة الحصول عليها، إلا فيما ندر، فإن الأمر يتجاوز الإجراءات الروتينية إلى ما اعتبرته مجموعة من المنظمات والجمعيات المغربية "إجراءات مخزية" عند حديثها عن فرنسا، رغم إعلان وزيرة الخارجية الفرنسية كاترينا كولونا، خلال زيارتها للمغرب في دجنبر الماضي، أن أزمة التأشيرات "قد انتهت".
وأشارت تسع منظمات مغربية، إضافة إلى الهيئة الوطنية للشباب والديمقراطية، التي تضم في عضويتها 16 شبيبة حزبية، في بيان لها، إلى أن قرار السلطات الفرنسية التراجع عن تقليص نسبة 50 بالمئة من عدد تأشيرات شنغن الممنوحة للمغاربة "لم يتغير" وأن النتائج كانت "مخيبة للآمال".
والسؤال هنا، والحالة هاته، يبقى هو: هل الحصول على تأشيرة فرنسا هو مسألة حياة أو موت بالنسبة للمغاربة؟ هل ضاقت الأرض إلى هذه الدرجة؟
وأي راحة نفسية يمكن أن يشعر بها المرء وهو يطلب تأشيرة بلد لا يريده !
فبغض النظر عن الإجراءات والشروط والرفض غير المبرر، فإن إطلالة سريعة على موقع سفارة فرنسا، ومحاولة الدخول إلى بند "تأشيرات" يمنحك جواباً كافيا: إن الصفحة المطلوبة غير موجودة !
إن فرنسا لا تكلف نفسها حتى صيانة الجزء المتعلق بالتأشيرات في موقع سفارتها الرسمي، في مؤشر يحمل أكثر من دلالة.
وإذا كان من المفهوم أن بعض الزيارات لا مناص منها بمبدأ "مرغم أخاك لا بطل"، كالعمل والالتحاق بالزوج أو الزوجة أو حتى الأسرة عموما، فإن طلب تأشيرة فرنسا من أجل السياحة أو من أجل محاولة الاستقرار تدريجيا يبقى مثيرا للاستغراب في ظل ما تفرضه فرنسا من إجراءات "مخزية".
هناك عدد من الدول في منطقة شنغن التي تمنح التأشيرة دون أية صعوبة ما دامت الوثائق مكتملة، على رأسها إسبانيا، فلماذا الإصرار على طلبها من فرنسا؟
لا بد أن يعبر المغاربة عن رفضهم لهذه الإجراءات المهينة، وأن يتوقفوا عن طلب تأشيرة هذا البلد الذي يأبى إلا أن يزيد الأزمة استفحالا مع المغرب والمغاربة، وأن يطلبها فقط من يحتاجها فعلاً دون وجود أية بدائل على الإطلاق.
ومن المؤكد أن فعلا جماعيا كهذا سيؤثر بشكل كبير على مداخيل السفارة التي تحقق مداخيل تتجاوز 16 مليار سنتيم من قنصلياتها المتواجدة بالمغرب، وفق تقرير لمجلس الجالية، وهي الآن بالتأكيد تجاوزت ذلك بكثير.